منامة بوست (خاص): نظّم ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير، حفلًا تأبينيًا للشّهيد المقاوم «مزاحم الشتر» في العاصمة اللبنانيّة بيروت، في الذّكرى السنويّة الأربعين لاستشهاده أثناء تصدّيه للاجتياح الصهيونيّ لجنوب لبنان في العام 1982.
وأقيم حفل التأبين يوم الثلاثاء 21 يونيو/ حزيران 2022، بمشاركة عددٍ من القيادات الفلسطينيّة والحزبيّة، ومن بينهم معاون مسؤول وحـدة العـلاقات الفلسطينيّة في حــزب الله «الشـيخ عـطا الله حمـّود»، وأمين سر قوى التحالف الفلسطينيّ في لبنان، ومسؤول الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين – القيادة العامّة «الأستاذ أبو كفاح غازي»، وعدد من أفراد المعارضة البحرينيّة.
وأكّد الائتلاف في كلمته أنّه «في مثل هذا اليوم من العام 1982، كانت هناك ثلّة شريفةٌ من أبناء البحرين، تخوض معارك بطوليّة في جنوب لبنان، لصدّ قوات الاحتلال الصهيونيّ، وترابط مع المقاومة الفلسطينيّة، إذ كان أبناء البحرين المقاومون قد آمنوا بكلّ فئاتهم وانتماءاتهم من السّنة والشّيعة بالكفاح المسلّح في مواجهة العدوّ الصهيونيّ».
وشدّد على أنّ أبناء البحرين أخلصوا للقضيّة الفلسطينيّة رغم أنّ بلدهم كان – ولا يزال – يئنّ تحت وطأة استبداد نظامٍ ديكتاتوريّ فاسد، يشنّ حملاته في القمع والسّفك حتّى اليوم، لكنّ رؤيتهم وبصيرتهم كانت واضحةً وضوح القضيّة والعدوّ والأهداف الكبرى، ومنهم كان الشّهيد المقاوم «مزاحم عبد الحميد الشّتَر».
ولفت إلى أنّ الشّهيد المقاوم «مزاحم الشّتَر»، كان النّموذج الأوّل للمخلصين لهذه القضيّة، واستحقّ ما هو أكثر من تكريمٍ وإحياءٍ واحتفاء، لذا تحيَى اليوم ذكراه السنويّة الأربعين بعنوان «مقاومٌ على طريق القدس».
وأكّد أنّ الشّهيد «مزاحم الشّتَر» جسّد الأطروحة والبصيرة التي يلتزم بها البحرينيّون، ويثْبتِون عليها في نصرة قضايا الأمّة الحقّة، وكان انخراطه في معارك التّحرير ضدّ العدوّ الصّهيونيّ، تكريسًا إضافيًّا لمعركة الحريّة في الأوطان.
وأضاف أنّ الوضع في الخليج في العام 1982، كان يتشكّل من جديد مع عنفوان النّهضة الإيرانيّة التي قادها «الإمام الخمينيّ»، وأراد المشروع «الصهيونيّ الأمريكيّ» مع بعض حكّام العرب أن يحاصروها، لأنّها حدّدت محورَها باتّجاه «القدس الشّريف»، لكنّ شعوب الخليج التفّت حول محور القدس الشّريف منذ ذلك الوقت، وانضوت تحت رايته الحقّة، من غير اهتزازٍ ولا تردُّد، وكان الموقف البطوليّ للشّهيد المقاوم «الشّتر» مؤشّرًا ودليلًا بيّنًا على ذلك.
وشدّد الائتلاف على أنّه في هذه المرحلة الخطيرة التي انجرّ فيها النّظام البحرينيّ إلى المشروع الصهيونيّ، وأبرم اتّفاقات الخيانة والعار مع الكيان المحتل؛ يجدّدُ الشّعب موقفَه الرّافض بقوّةٍ لكلّ أشكال التطبيع.
وأكّد أنّه من حقّ الشّهيد «مزاحم الشّتَر» على أحرار العالم أن يستذْكروا أيّامه ويخلّدوا اسمه، وأن يكرّموا جثمانه، عبْر الكشف عن مدفنه الذي ضاع مع الزّمن، وإعادته إلى وطنه ليُدفن بين أهله.
ودعا محبّي الشّهيد ورفاقه إلى تأسيس لجنةٍ خاصّة مهمّتها التحرّي عن مدْفنه، والعمل بالوسائل الممكنة لإعادته إلى أهله وبلده – بحسب تعبيره.
وكان الشهيد «مزاحم الشّتَر» بين مجموعة من البحرينيّين الذين شاركوا في ساحات القتال في مواجهة قوات الكيان الصهيونيّ جنوب لبنان، واستُشهد في «بلدة النبطية» ودُفن في مقابر الشهداء في المدينة، بعد أن رفضت سلطات البحرين آنذاك السماح بدفن جثمانه في مسقط رأسه «البحرين»، رغم المحاولات التي قام بها الزعيم الفلسطيني الراحل «ياسر عرفات»، إذ كان «الشهيد الشّتَر» منخرطًا ضمن قوات «حركة فتح» في مواجهة العدوان الصهيونيّ.
الشهيد «مزاحم الشّتَر» في سطور:
وُلد الشّهيد «مزاحم الشّتَر» في العاصمة البحرينيّة المنامة عام 1955، وأكمل دراسته في مدرسة المنامة الثّانويّة، وهو من أبناء الحيّ المعروف باسم «فريق الحطب» وفريق «كانو»، الذي يُعدّ مثالاً على التّعايش والاندماج بين أبناء الطّائفتَين السّنيّة والشّيعيّة.
وكان «فريق الحطب» بطابعه ينتمي للقوميين العرب ولكن ليس بشكل منظم، إلّا أنّ الروح القوميّة كانت غالبة عليه، والمعروف أن التنظيم تشكل منذ الستينيات، فيما كان الطابع الاجتماعي في «فريق الحطب» مختلط بجميع الطوائف البحرينيّة، وبالتالي نما الشهيد «مزاحم الشّتَر» في ظل تلك الروح القوميّة التي جعلته يلتحق بالمقاومة الفلسطينية عام 1982.
وانخرط الشّهيد «مزاحم الشّتَر» مبكرًا في أجواء «حركة القوميّين العرب»، وبعد تخرّجه من الثانوية العامة، التحق بصفوف المقاومة الفلسطينية وارتبط بحركة التحرر الوطني «فتح» عام 1978، وشارك في مقاومة الاجتياح الصهيوني الأول للبنان، وبعدها عاد إلى البحرين وعمل في الجيش البحرينيّ، وغادر بعد فترة إلى الإمارات وعمل في الجيش الإماراتي.
ومع بدء الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، توجّه إلى هناك وانضمّ إلى الفدائيين في «قطاع النبطية» جنوب لبنان، إلى أن استُشهد ممتشقًا سلاح «آر بي جي»، في أرض المعركة، ودُفن عند بوابة الجبهة التي صمدَ فيها في «بلدة النبطيّة»، وبذلك أصبح أولُ شهيدٍ بحرينيّ في سبيل القضيّة الفلسطينيّة، وقد أطلقت الإمارات اسمه على شارعٍ من شوارع «إمارة الشارقة».
يقول أستاذ علم الاجتماع «بجامعة لوند» في السّويد البحرينيّ «الدكتور عبد الهادي خلف»، إنَّ حكومة البحرين رفضت في ذلك الوقت استقبال جثمان مزاحم، حيث قال «لقد رأيتُ الأخ أبو عمار حزينًا عدّة مرات طوال الفترة الأشهر الثلاثة العصيبة من يونيو وحتى سبتمبر عام 1982، ولكنني لم أره في حالة الحزن المشبوب بالغضب، حين أبلغه مساعدوه بردّ حكومة البحريْن الرافض لاستقبال جثمان الشهيد مزاحم عبدالحميد الشتر، وابن المنامة وابن فريق الحطب وابن فريق كانو».
ظهر اسم الشهيد «مزاحم الشّتًر» في منشوراتٍ عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ ردًا على اتفاق التطبيع بين البحرين والكيان الصهيونيّ، ومنها «غريبًا وسط رفاق سلاحه، بقي جثمان البحرينيّ مزاحم عبد الحميد الشّتَر منتظرًا في مقبرة النبطيّة منذ عقود، بعد أن رفضت مشيخة البحرين استلام جثة شهيد المواجهة الصعبة لاجتياح 1982 من المقاومة الفلسطينية»، ومنشور آخر، «شهيدنا مزاحم الشّتَر استشهد مقاومًا ودُفن في مقبر الشهداء أثناء الاجتياح الصهيونيّ لبيروت عام 1982، وذلك أثناء تصدّيه لرتلٍ عسكريَ صهيونيَ بواسطة سلاح مدفعية، سنبقى اوفياء لهذا الدم».