منامة بوست: أكّد عالم الدّين البحرينيّ البارز «آية الله الشّيخ عيسى أحمد قاسم»، أنّ مقتضى ثورة البحرين لا زالت قائمة حتى اليوم، منذ الحراك الشعبيّ الذي انطلق في 14 فبراير/ شباط 2011.
وقال في كلمته في الذكرى الرابعة عشرة لانطلاق ثورة البحرين، إنّ الحراك لم يكن عن منطلقٍ عاطفيٍ، وإنّما لمقتضى موضوعيّ وفي سبيل تحقيق المطالب المشروعة، فالتّقادم لا يُسقط الحقوق ولا ينبغي نسيانها، والدوافع لذلك الحراك زادت، والمشاكل التي دفعت الناس للمطالبة بالحقّ ارتفع مستواها وزاد الظّلم طغيانًا، وزاد الوضع ظلمةً وتعدّى السّلب إلى أكثر ممّا كان عليه، وكرامة الإنسان ضُيّعت بأكثر ممّا ضيّعت من قبل، ومشاكل جديدة انضمّت إلى المشاكل القديمة، وكادت المشاكل القديمة أن تصغرَ أمام المشاكل الجديدة.
وأضاف أنّ مشكلة الارتماء في أحضان الصهيونيّة، والدخول في تحالفٍ شيطانيّ واسعٍ بطبيعته معادٍ للأمّة والدّين، ومُسقطٍ لإنسانيّة الإنسان ومُفسدٍ في الأرض، وهو ما يعني مشكلة فوق كلّ المشاكل، مشكلة لا تبقي لأيّ شعبٍ شريفٍ شرفه، ولا تبقي للدين حرمة ولا للإنسان كرامة.
وقال إنّ انضمام بلد من البلاد الإسلاميّة، وأيّ نظام سياسيٌ للتطبيع الذي تقوده أمريكا؛ هو عذاب للأمّة وللشّعب، وإسقاط قيمتهما وإنهاك وجودهما، وهو طريقٌ فيه قضاءٌ على أيّ أمّةٍ مجيدة وأيّ دينٍ قويم وأيّ كرامة في الأرض.
وشدّد أنّه حين تزيد المشاكل التي حرّكت الناسَ للمطالبة بحقوقهم،= فيستحيل التراجع عنها، والتراجع يعني التسليم بالموت وبالذل، وبقبول السّقوط والانحراف والمهانة والدخول في العبوديّة للآخر، ويستحيل على شعب البحرين أن يكون منهم تراجع، خاصّة وأنّ مقتضى الحراك باقٍ، فالحراك لا بد أن يبقى وأيّ تنازلٍ عن حقٍ يتيح للباطل أن يستمرّ وأن يتفاحش، فإذا اشتكى الناس من تعب المواصلة على طريق المطلب وفي طريق الحراك، وحدّثتهم أنفسهم بأن يتراجعوا، فإنّ الإسلام يقول لأتباعه لمن أسلم إسلامًا حقًا، ليس لك أن تتراجع والسّكوت على المطالبة بالكرامة والحريّة هو خذلان للإسلام.
وأكّد على ضرورة التّمسّك بالحراك الشعبيّ ومطالبه المشروعة نحو الكرامة والحريّة، وقال إنّ البحرين وغير البحرين؛ لا يمكن أن تخرج من أزماتها ما دامت السّياسة فيها تضاد الشّعب ودينه وكرامته وحريته، وتسعى لإفساده وأن تُفشلُ أيّ حركةٍ منه في سبيل إصلاح وضعه.
وأضاف أنّ الأمن والاستقرار والعلاقة الإيجابيّة بين أيّ حكومة وشعبها تحتاج بالضرورة إلى موقفٍ من الحكومة يخدم الشّعب، لا أن يتحوّل الشعبُ إلى خادمٍ للحكومة لأشخاص الحكومة، وللكيان الحاكم القائم بصورةٍ لا تأبه بدين النّاس ولا بلقمتهم ولا بأمنهم، بل تسعى ضدّ ذلك كلّه، وحذّر من استطاعة السّياسة الظّالمة الاستمرار في طريق الظّلم وإضعاف الشّعب.
وعبّر عن تضامنه الكامل مع المعتقلين السّياسيين الذين يعيشون في سجون النّظام لسنوات، وتعرّضهم للقمع كلّ هذه المدّة وإرهاقهم ومعاملتهم المعاملة القاسية وسلبهم حريّتهم الدينيّة، وأشار إلى أنّ كلّ ذلك شاهد صارخ على عدم صحّة السّياسة القائمة، وعلى عدائها للحريّة وللشّعب وللقيم ولدين الله عزّ وجل.
وأضاف أنّ ما أدخلهم السّجن إلاّ المطالبة بالحقّ والانتصار للشّعب وعلى الشّعب إنقاذهم، وقال «عارٌ على الشّعب، والشّعبُ مسؤول أمام الله عزّ وجل عن كلّ لحظةٍ يبقى فيها سجين ظلمًا في سجنه، فلو أمكن للشّعب أن ينقذ إخوانه وأبناءه من سجونهم، لوجبَ عليه أن ينقذهم في هذه اللحظة، فضلًا عن اللحظة التالية».
ولفت إلى أنّ هذا الوضع لا يمكن أن يعطي استقرارًا ولو حُلّت كلّ المشاكل، مشاكل الشّعب الذي يعيش خارج السّجن، وبقي السّجناء يستحيل أيضاً الاستقرار في الوضع الأمنيّ، الوضع السياسيّ في داخل البحرين.
وأكّد أنّ الحكومة إذا كانت تفكّر في الاستقرار السّياسيّ، فعليها أن تحلّ مشاكل الشّعب التي تسبّبت فيها هي، أما إذا كانت تبحث عن الاستقرار السّياسيّ عن غير طريق حلّ هذه المشاكل، فهي واهمة والشّعب لن يموت فالشّعوب كما هي الحكومات، قد تضعف ولكن تبقى على ضعفها، وكما أنّ الحكومات يمكن أن تقوى بعد ضعف، كذلك الشّعوب يمكن أن تقوى بعد ضعف.
وأشار إلى أنّ الطريق الوحيد الذي لا بدّ أن تنتهي له خلافات الشّعوب مع الحكومات، هو إمّا أن تستجيب الحكومات لمطالب الشّعوب، وإمّا أن تقوى الشّعوب وتخرج من ضعفها، فكلمة الشّعب القوي عند قوّته غير كلمته عند ضعفه، وليس من دافعٍ ولا مانعٍ للحكومات وليس من فرصةٍ لها، لأن تستعبد الشّعوب إلاّ مع بقاء الشّعب على ضعفه، ومن مسؤوليّة الشّعوب أن تطلب القوّة، لتنقذ نفسها من حياة الذّل والهوان والمتاعب الجمّة – حسب تعبيره.