Thursday 28,Nov,2024 02:27

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

مطر مطر لـ «منامة بوست»: ما أسعى إليه هو إقناع السعوديّين بأنّ الإصلاح في البحرين فرصة لهم وليس تهديداً «2-2»

منامة بوست (خاص): أنا لا أنتظر من وليّ العهد وعوداً، هو يضرّ بسمعته حين يعطي الوعود ولا نرى شيئاً على أرض الواقع، فالناس تنتظر أفعالاً وليس أقوالاً

منامة بوست (خاص – واشنطن)

في مقابلة مطوّلة وصريحة مع «منامة بوست»، قال القياديّ في جمعيّة الوفاق النائب السابق «مطر مطر» بأنّه حريص على التصدّي لمساعي النظام في تشويه صورة البحرينيّين في أمريكا، كما أنّه ينقل وجهة نظر القوى الوطنيّة المعارضة كافة، بما فيهم وجهة نظر الرموز المعتقلين، وقال أنّ النظام البحرينيّ يتعامل مع الناس بانحطاط كبير، وتحدّث أيضاً عن نقاط أخرى. ولطول المقابلة قسمناها إلى حلقتين، حيث سيستطرد في هذه الحلقة «مطر مطر» في الحديث عن الدور الأمريكيّ وإيقاعه على جمعيّة الوفاق، وهذا نصّ الجزء الثاني:

بوست: أثارت التفجيرات في البحرين جدلاً واسعاً، بين قائل أنّها عمل استخباراتيّ من النظام، ومن يحمّلها لجهات شعبيّة اختارت هذا الطريق، كيف تقرأ التفجيرات من زاويتك؟

مطر: لا أحد يثق في الرواية الرسميّة، وفي اعتقادي أنّ النظام البحرينيّ ارتكب ما هو أكثر وضاعة؛ فتلفيق التفجيرات أهون من الأسلوب الذي قتل فيه يوسف موالي ، وقد أكد بعض المحامين بأن النظام البحرينيّ عذّب معتقلي تفجير الدّيه ليصلوا إلى حافة الموت، من جهة ثانية لا أرى أنّ النظام يعطي أيّ قيمة لدماء الباكستانيّين، حتى لو وقف المسؤولون في الصفوف الأولى من الجنائز، وأعطوا القسائم والهبات لذوي القتلى.

في المقابل، العنف من بعض المتظاهرين هو واقع، وقد أدّى هذا العنف لقتل بعض المنتسبين لقوّات الشغب. مع أنّ من قتلوا من البحرينيّين فاقوا المئة قتيل، ومحاولات القتل تفوق هذا الرقم بكثير، هذا ما تظهره مقاطع الفيديو المنتشرةعلى الإنترنت، في المقابل لم أجد في أيّ من حالات قوّات الشغب المقتولين مايثبت أنّ قتلهم كان دفاعاً وخشية من الموت، بعض حالات القتل تبعها تعدٍ على جثة القتلى، ولا يمكن تبرير ذلك بأيّ شكل من الأشكال. من المهمّ الإشارة إلى أنّ المتّهمين بحالات القتل قد تعرّضوا لظروف غاية في القسوة، لقد كنت في السجن نفسه مع المعتقل علي الطويل وعلي شملوه، ووثّقت بنفسي الظروف القاسية التي تعرّضا لها أثناء الاعتقال، وكيف أجبرا على الاعترافات. لم يقدّم أيّ ممن عذبهم لأيّ محاكمة، وقد شهدت بأمّ عيني الأذى الجسديّ الذي تعرّض له علي الطويل حتى بعد محاكمته. وكلّ المتّهمين والمدانين في المحاكم البحرينيّة أبرياء، لأنّ محاكتهم تفتقر لأبسط معايير المحاكمات العادلة، وكلّ التجاوزات تسير بشكل ممنهج وفق سياسة معدّة سلفاً، ويتحمّل الملك مسؤوليّة هذا التردّي بصفته رأس السلطة القضائيّة حسب الدستور الذي وضعه. ما ندعو له هو أن تعرض كلّ القضايا على محكمات ذات تمثيل دوليّ لغياب أيّ مصداقيّة للقضاء البحرينيّ.

إنّ قناعتنا، قبل بسيونيّ، كانت راسخة بأنّ الاعتداءات على المتظاهرين تتمّ بشكل ممنهج وفق سياسة معدّة مسبقاً، حتى لو اقترفها أصغر عنصر في قوّات الشغب، مع ذلك لا يمكن بأيّ حال من الأحوال اعتبار كلّ المنتسبين للأجهزة الأمنية أعداء، إذ تتعدّد أوجه ممارسات الأجهزة الأمنيّة وتتفاوت بين نصب نقاط التفتيش وحراسة الشوارع، ومنع أو إزالة الإطارات المشتعلة، الانتقام من المتظاهرين الذين يقذفون الألوان أو الحجارة أو الأسياخ والزجاجات الحارقة، وتفريق متظاهرين دون إيذائهم وهم في تجمّعات سلميّة، والاستخدام المفرط للقوّة المفضي لإيذاء الأبرياء أو موتهم، تعمّد قتل المتظاهرين، وهناك من يسعى لقتل الأبرياء ولا يفلح في تحقيق مناه. ويتفاوت توصيف تلك الأعمال بين الأعمال المشروعة والأخطاء والجرائم. فلا يمكن أن نضع كلّ هؤلاء في سلّة واحدة ونبيح قتلهم. أنا أفهم القتل في حالة واحدة وهي حالة الدفاع عن النفس من الموت، وأيّ متظاهر يتعرض لهذه الحالة أدعوه للانسحاب بدلاً من المواجهة حفاظاً على سلامته، ولقناعتي بأنّ مستوى تسليح قوّات الشغب مقارنة لما في أيدي المتظاهرين، يجعل فكرة الدفاع عن النفس عبر القتل فكرة غير واقعيّة. أتمنى أن يجد كلامي آذان صاغية، فلا يكمن تبرير هذه الممارسات إطلاقاً. لكنّ المسألة ليست بالأمنيات؛ كلّ المراقبين يتوقّعون تصاعد العنف في ظلّ غياب أيّ أفق لسياسات رشيدة من النظام.

بعض الشرطة الذين قابلتهم أثناء اعتقالي كانت أعينهم تدمع حين يلقونني في زنزانتي، وبعضهم كان يهمس لي بدعمه لمطالبنا العادلة. قابلت سجّاناً باكستانيّاً أخذ يعتذر لي عن الحراسة، كان نادمين على القدوم للبحرين، يقولون لي بأنّهم خدعوا، فهم لم يقدموا على وظائف تتصل بالتعامل مع احتجاجات، وقد تمّ نقلهم حديثاً لهذه المناصب، وهم يرغبون في الرجوع لولا الديون المتراكمة عليهم. وأنا بهذه الكلام لا أنفي بأنّ شريحة واسعة كانت تعمل بكلّ ذمّة وإخلاص في إيذائنا.

من جهة ثانية فالحركات التصحيحيّة بشكل عام وحول العالم، تأخذ أشكالاً مختلفة، لا يمكن لأحد أن يلوم الكويتيّين أو الليبيّين أو البوسنيّين لأنّهم استعانوا بقوى غربيّة. كما لا يمكن أن نلوم الفرنسيّين أو الأمريكيّين لأنّ ثورتهم التحرريّة كانت تعتمد على استخدام القوّة. فيمكن أن يتحقّق التصحيح بالتدخّل الأجنبيّ، أو بالانقلاب، أو بالثورة المسلّحة، و يمكن بالعصيان المدنيّ، وقد نشاهد وسائل جديدة للتغيير. لا أجد نفسي في موقع يمكنه أن ينصح السوريّين بما هو أفضل لهم، التغيير السلميّ أم الحرب الأهليّة؟ فالسوريّون هم من يعرف الأصلح لهم، ولا يمكنني أن أقرر للعراقيين ما إن كان الأفضل لهم بقاء صدام أم التغيير عبر الاحتلال؟ فالعراقيّ وحده من يقرر. ولا يمكنني أن أقرر للمصريّين أيّهما أصلح؟ نظام الإخوان أم الخروج في مظاهرات ضدّه؟ المصريّون هم من يقررون كلّ هذا. ما أستطيع فعله هو التحدّث في شأن واحد وهو الشأن البحرينيّ، في البحرين أنسب خيار هو الاحتجاج السلميّ وتفادي استفزازات قوّات الشغب. هذا ما قاله المطالبون بإصلاح النظام، وهذا ما قاله المطالبون بإسقاط النظام، وهذا ما قالته الشخصيّات الدينيّة ذات الشعبيّة الواسعة مثل الشيخ عيسى قاسم والسيّد عبدالله الغريفي.

بوست: هل الطائفيّة في البحرين بربغندا إعلاميّة تسوقها الماكينة الرسميّة؟ أم هي متحقّقة ولو جزئيّاً على الأرض؟

مطر: في تقديري أنّ الطائفيّة هي واقع معاش قبل 14 فبراير، لو توقّف تمييز النظام ضدّ الشيعة ستبقى الطائفيّة، لو تحوّلنا لمملكة دستوريّة ستبقى الطائفية، لوتركنا التديّن أشكّ في أنّ المشكلة الطائفيّة ستنتهي، لأنّ الطائفيّة مشكلة قائمة بحدّ ذاتها، المشكلة قد تكون ناراً مختبئة تحت الرماد، وقد تشتدّ ضراوتها متى ما نفخ فيها. ما فعله النظام البحريني أنّه استخدم جرائم حقوق الإنسان والطائفيّة، والقضاء كأدوات للحفاظ على نفوذه. لقد سجّل البحرينيّون نماذج مشرقة في التعايش المشترك، وانتشار الزواج بين مختلف الطوائف هو دليل على هذه التجربة الرائدة. لا يمكن إنكار أجواء الاحتقان والخصومة الطائفيّة، ولكنّي على ثقة بتراجع هذه الأجواء بشكل كبير متى ما تمّ قطع التغذية للكراهية عبر وسائل الإعلام من قبل أعداء التسوية داخل النظام

بوست: هناك من ينتقد مطر مطر لتصريحات رسميّة له في بعض الصحف، وغير رسميّة عبر شبكات التواصل الاجتماعيّ حول السعوديّة ودورها، هل يمكنك أن تفصّل لنا رؤيتك حول السعوديّة أولاً، ودرع الجزيرة ثانيا؟

مطر: في البداية أنا لا أنكر حرصي على أن أبعث الرسائل الإيجابيّة إلى الشعب السعوديّ بالدرجة الأولى، وإلى النظام السعوديّ كذلك. لا أدّعي بأنيّ موفّق في كلّ تصريحاتي لكنّي واثق من أهميّة بذل جهود أكبر للتواصل مع السعوديّة، كنت أتمنى لو أتيحت لي الفرصة لأشرح وجهة النظر البحرينيّة للسعوديّين بدلاً من شرحها للأمريكيّين. لأنّ رغبتي وتوقّعي بأنّ التغيير في المنطقة سيكون نتيجة تفاعلات داخليّة، قد يكون هذا التغيير للأفضل، وهذا مانسعى إليه، ولكن قد يكون للأسوأ.

أنا أستطيع التنبّؤ بالموقف الأمريكيّ تجاه أيّ تطوّر سلبيّ في البحرين، فإمّا أنّهم سيعربون عن القلق فقط، أو أنّهم سيعربون عن قلق عميق، لكنّي واثق بأنّ الموقف لن يتجاوز هذين الاحتمالين، في المقابل لا أستطيع التنبّؤ بما قد يجري في السعوديّة بعد 5 سنوات، أوبعد سنة، أو بعد شهر، أو الأسبوع القادم، ومن المؤكّد أن أيّ تطوّر إيجابيّ سنجني ثماره في البحرين، وأيّ تغييرسلبيّ سيزيد من معاناتنا، هذا ما يجعل السعوديّة محوريّة في تفكيري، البعض يخطئ عندما يتصوّر أنّ البحرينيّين خدعوا من الملك بعدما صوّت الناس للميثاق، لأنّ الملك وضع الدستور فيما بعد بشكل منفرد، نعم كان لدى بعض المعارضين أحلام ورديّة عن الملك في حينها، لكن كثيرون كانوا يدركون أنّ الانقلاب عن التعهدات مسألة مرتبطة بموازين القوى، وليس على الأوراق التي يوقّع عليها الملك، لقد ساعدت مبادرة السيّد عبدالله الغريفي في تسهيل المهمّة على الناس لمعرفة المدى المتاح للنظام للتنصل من التزاماته، وعلينا أن نثق تماماً أنّ تكرار المسألة واردة حتى لو كنّا في قمة الذكاء والنباهة، من هنا يبرز الدور السعوديّ ثانيا، فلو صدق وليّ العهد وطبق كلّ المبادىء التي تعهّد بها فيمكن أن تسقط كلّ هذه المنجزات في ساعات، هذا لايجعلني أنتظر السعوديّة أن تتغير حتى أفكر في التغيير عندنا، ليس بالضروة أن ننتظر الآخرين، فنحن جاهزون للتغيير، وتحدّياتنا تتطلب حلولاً عاجلة.

رسالتي للرياض بأنّ الإصلاح في البحرين فرصة لهم وليس تهديداً، عندما يكون ممثّلو البحرينيين في موضع القرار، فذلك ليس من أجل فتح محاكم تفتيش على الماضي، إنّه خيار للحاضر والمستقبل بالدرجة الأولى، القوى الوطنيّة الديمقراطيّة المعارضة في البحرين لا ترغب في التصفيق، أوالوجاهة بل ترغب في اتّخاذ قرارت مؤلمة للتعاطي مع التحدّيات الجمّة في تضميد الجروح البحرينيّة وفي تصحيح أوضاع الاقتصاد البحرينيّ، والإصلاح لن يكون نزهة فلا بديل عن مواجهة الدين العام بقرارات صعبة، ولن يستطيع أيّ أحد قيادة هذا التصحيح مالم يتمتّع بثقة الناس. نجاح البحرينيّين هو مكسب للسعوديّين فما نواجهه من صعوبات سيواجه السعوديّون أضعافه في السنوات القادمة. لا يختلف أيّ خليجيّ راشد معي في ما أقوله وسأظلّ أروّج لهذه الفكرة فهي أسلم الطرق وأقصرها نحو التغيير.من جهة ثانية فأنا معجب بكثير من المفكّرين والكتّاب والنشطاء السعوديّين، وأراهم مفخرة لكلّ الخليجيّين.

بوست: ما مدى إيمانك بالتحليل القائل بوجود أجنحة في العائلة الحاكمة؟ وإذا كان فعلاً ثمّة أجنحة بالتقسيم المتداول (جناح الخوالد/ جناح وليّ العهد…إلخ)، ما مدى قوّة جناح الخوالد برأيك؟

مطر: في البداية، حتى التوائم السياميّة مختلفة فيما بينها، بل الفرد يتغيّر مع الزمن للأسوأ أو للأفضل. نحن نحتاج أن ندرس هذه التباينات لندرك إن كان تغيير بعض الوجوه سلبيّاً أو إيجابيّاً، لا يمكن القول أنّ كلّ أفراد العائلة الحاكمة متماثلون، ولا يمكن أن يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو ابن عمه، أنا معجب بدعوة الأستاذ عبدالهادي الخواجة للتوقّف عن رفع شعار «الموت لآل خليفة»، ودعوته للتركيز فقط على المسؤولين عن نهب الثروات والاستيلاء على مقدّرات البلاد، حين نأتي للتباين بين افراد العائلة الحاكمة نجد شخصيّة مثل رئيس الوزراء أدارت البلاد لأكثرمن 40 عاماً بالحديد والنار، سنجده يمتلك الكرزما والمثابرة والالتزام والفراسة، وكلّ هذه الصفات لا تتوافر في الملك أو وليّ العهد، ولكنّه استغلّ هذه المواهب في قيادة البحرين لما هي فيه الآن. نعم أنا أعتقد أنّ دور رئيس الوزراء في اضمحلال، ورغم كلّ المكابرات، إلاّ أنّ تنحيته هي مسألة وقت. لكنّ المشكلة تبدو بأنّ القادم أسوأ؛ فجناح الخوالد الذي يدير البلاد حاليّاً وبتفويض من الملك هوالمسؤول عن إفساح المجال لهذا النفس الطائفيّ الآخذ في الاتساع يوماً بعد آخر. أما وليّ العهد ..

بوست: هل ترى أنّ وليّ العهد سلمان بن حمد طوق نجاة للتداعيات الأمنيّة والسياسيّة التي خلقتها ثورة البحرين؟ وكيف تعقّب على الاتّهامات لك حول شغفك طلب ودّ وليّ العهد لنيل منصب مستقبليّ؟

مطر: أنا لا أنتظر من وليّ العهد وعوداً، هو يضرّ بسمعته حين يعطي الوعود ولا نرى شيئاً على أرض الواقع، فالناس تنتظر أفعالاً وليس أقوالاً.

وكما قلت سابقاً أنا لا أرى مستقبلاً سياسيّاً لوليّ العهد إذا لم ير الناس شيئاً ملموساً، فقد التقى بالمعارضة ووعدهم بالتصحيح، ومن جهة ثانية فإنّ إشاداته بالمسؤولين عن القمع تضرّ كثيراً بمصداقيّته في استبدال لغة العصا بلغة العقل.

لقد قلنا بوجود فرصة لانتشال البلد مما هو فيه في حال تمّ تفويض وليّ العهد خليجيّاً دون أن يكون رئيس الوزراء على يمينه، ووزير الديوان على شماله. على الرغم من أنّ الأوضاع تزداد قتامة، إلا أنّ الفرصة لاتزال قائمة بتصحيح الأوضاع. لقد تأذى البحرينيّون كثيرا طيلة هذه المدّة، وقد تعب كثيرون ممن كانوا أداة للتضيق على إخوانهم، لم يعد الخليجيّون يثقون في الحكومة البحرينيّة؛ فالكويتيّون يديرون بالكامل مساعداتهم بأنفسهم، والمارشال الخليجي لم ينزل في ميزانيّة الدولة. لقد أضحى النظام البحرينيّ مصدر مزيد من المتاعب لدول الخليج.

طرح وليّ العهد أفكاراً مهمّة للتعاطي مع التحدّيات المحدقة، لكن حين جاء التطبيق كان التعارض واضحاً بينه وبين رئيس الوزراء، و لم يكن ذلك السبب الوحيد في تعثّر مشاريعه، فقد كان مؤسّسات وليّ العهد حريصة على تسويق المنجزات غير مكتملة، ولم يوجد تقييم حقيقيّ لسير المشاريع، عندما كنا في البرلمان كان مجلس التنمية الاقتصاديّة مثل الصندوق الأسود، لم نعلم كيف تدار ميزانيّته، ولا نعرف شيئاً عن مؤشرات الأداء الخاصة فيه، لقد قاد وليّ العهد المساعي التي جعلت البحرين دولة متقدّمة في مؤشر الحريّة الاقتصاديّة لدرجة أنّها تفوّقت على بريطانيا، حين نتفوّق على بريطانيا ونرى الأوضاع الاقتصاديّة وأوضاع سوق العمل متعثّرة فهذا يعني أنّ هناك خللاً ما في مشاريع وليّ العهد. لقد سعى وليّ العهد إلى تقديم التسهيلات بشكل مبالغ فيه للاستثمار الأجنبيّ دون أن تخضع هذه التوجّهات لمراجعة الجهات التشريعيّة، ومؤسّسات المجتمع المدنيّ، ولم يكن هناك دور حقيقيّ للتجار والعمال في رسم هذه السياسات. لم تنجح هذه السياسات بالشكل المنشود، فقد قفزت أسعار العقارات، وخضعت لمضاربات واستفادت شريحة بسيطة من هذه المضاربات، لكن لم تعد الفائدة على عموم المواطنين بل كانت النتائج وخيمة، حيث لم يعد حتى الطبيب وزوجته الطبيبة قادرين على تملك الأراضي وبناء المنازل فضلا عن الطبقة المتوسطة. ظلّ مجلس التنمية يباهي بإنجاز ورقي، هذا المشهد شكّل نموذجاً لسياسة الانحراف عن التكريز على النتائج والاكتفاء بالأداء الاستعراضي عبر المؤتمرات والمطبوعات الفاخرة.

أنا أثمّن لوليّ العهد ابتعاده عن المشهد الأمنيّ. لكنّه من جهة أخرى لم يحسن استغلال سمعته الجيّدة في الغرب، فقد أفقده بيع الأوهام بأنّ «الأمور تسير للتحسّن»، وأنّ «الإصلاح قادم» الكثير من المصداقيّة في المحافل الغربيّة وشكّك في قدرته على الإنجاز.

في النهاية، المعارضة أبدت استعدادها التام لأن تضع يدها في يد وليّ العهد والكرة الآن في ملعبه.

مطر مطر لـ «منامة بوست»: ثمّة انحطاط متفشٍّ لدى النظام البحرينيّ «1-2»


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014072003


المواضیع ذات الصلة


  • قيادي في «ائتلاف 14 فبراير لبوست»: «وثائقيّ «بحارنة لنجة» حمل رسائل متعدّدة وفتح ملفًا حسّاسًا سعى النظام لطمسه»
  • الباحث المصريّ حمادة لطفي لـ «منامة بوست»: حصار الدراز عارٌ على جبين حكّام السعوديّة الخبثاء
  • الباحث الإستراتيجيّ خالد حمّود لـ «منامة بوست»: حصار الدراز أشدُّ لؤمًا من حصار العدوّ الإسرائيليّ لقطاع غزّة
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *